الأسواق المصرية بعد العيد... الركود سيد الموقف

20/04/2024

تعاني الأسواق المصرية من حالة ركود عارمة بعد انقضاء عطلة عيد الفطر المبارك، ويفسّر الخبراء ذلك بأنه قد استنزف شهر رمضان والعيد ميزانيات معظم الأسر، ما دعا تجارا وحرفيين إلى وصف الفترة الحالية بأنها الأصعب على مدار العام.

في نظرة على أحد أشهر أحياء مدينة الإسكندرية على البحر المتوسط شمالي مصر، حيث تنتشر المطاعم والمتاجر من مختلف الأنشطة والتخصصات، نرى أن الهدوء يخيم رغم انقضاء عطلة العيد وعودة الأعمال إلى طبيعتها، فالأسواق عبارة عن بائعون فقط يقفون في انتظار أي مشترٍ.

ومن المطاعم إلى قطاع الخدمات مثل مغاسل السيارات والسجاد نرى نفس الوضع، إذ يعاني صاحب إحدى المغاسل من حالة الركود الكبير بعد العيد، فيقول الحاج "أسعد عاشور"، لصحيفة "العربي الجديد": "في أعقاب انتهاء العيد، تعاني الأسواق من الركود، مما يزيد أزمات البائعين ويضعف ميزانياتهم، مع التراجع في حركة المبيعات وتراجع الإقبال على التسوق".

ويضيف: "تعتبر فترة بعد العيد هذا العام أصعب فترة بالنسبة لنا، ويبدو أن العديد من الأسر يقللون من مصروفاتهم، ويتجنبون شراء أي شيء، بينما نحتاج إلى تشغيل محلاتنا لتوفير رواتب العمال والإيجارات وسداد قيمة الفواتير".

أما "علاء عابد"، صاحب محل حلاقة وسط الإسكندرية، فيتحدث عن تراجع حاد في حجم الزبائن بعد العيد، حيث يعتبر هذا الوقت من السنة "موسماً ميتاً" بحسب وصفه، قائلا لـ"العربي الجديد" إن السوق يشهد تراجعاً كبيراً في عدد الزبائن وحجم المبيعات.

ويضيف عابد: "هذه الفترة تعد واحدة من الأصعب خلال العام، حيث نعاني تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وتراجع الإقبال، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها البلد، وإنفاقهم كل السعة المالية التي يمتلكونها قبل وأثناء العيد".

بماذا يفسر الخبراء هذا الركود غير الطبيعي؟

يقول "علي الإدريسي"، الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في الأكاديمية البحرية للنقل البحري لصحيفة "العربي الجديد"، إن هذه الظاهرة تعزى إلى عدة عوامل، أهمها الأزمات والظروف الصعبة التي تثقل كاهل المصريين وقدراتهم الشرائية، بعد فشل الحكومة في إيجاد حلول لضبط الأسواق في ظل تزايد وارتفاع معدلات التضخم التي تنعكس سلباً على الاسعار ومعيشة المواطنين.

ويشير "الإدريسي" إلى أنه مع استمرار الشكوى من ارتفاعات أسعار السلع الغذائية والطاقة ومواد البناء، يعمل المواطن على تحقيق ما يعرف بالوعي الاستهلاكي وذلك بترتيب الأولويات والسعي لشراء الحاجات الأساسية وتقليل حجم السلع مع الاستغناء عن بعضها خاصة الكمالية أو الترفيهية.

ويلفت إلى أن التضخم المتزايد ليس فقط ما يؤثر في الأسعار وقدرة الأفراد على شراء السلع والمنتجات، وإنما يضاف إلى ذلك ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء وتكاليف المعيشة العامة، مما يجعل الأسر تقلل من مصروفاتها اليومية، وتتقشف في النفقات غير الضرورية.

وعن التجار يقول أستاذ الاقتصاد: "على الرغم من هذه التحديات، يسعى البائعون إلى ابتكار استراتيجيات جديدة لجذب الزبائن وتنشيط الأعمال التجارية، ويستخدم بعضهم تخفيضات الأسعار والعروض الترويجية لجذب المزيد من العملاء، في حين يعتمد آخرون على التسويق عبر الخدمة والتجارة الإلكترونية للوصول إلى قاعدة عملاء أوسع، ويعمل البعض أيضاً على تنويع منتجاتهم وتحسين جودتها لكسب ثقة المستهلكين وتشجيعهم على الشراء".

ويشير "الإدريسي" إلى ضرورة اتخاذ القطاع الحكومي والمؤسسات المعنية إجراءات لدعم رواد الأعمال وتوفير بيئة مناسبة للتجارة والاستثمار، وتقديم الدعم المالي والتدريب والإرشاد للبائعين الصغار والمتوسطين، وتبسيط الإجراءات الإدارية وتخفيف الضرائب والرسوم الحكومية المفروضة على الأعمال التجارية.

ويختم بالقول إنه يجب أن تركز الحكومة جهودها على أن يتجاوز التجار الركود الحالي، وتعود الأسواق إلى النشاط والازدهار، وهو ما يتطلب تعاوناً وجهوداً مشتركة من جميع الأطراف المعنية لتخطي التحديات الحالية وتعزيز النمو الاقتصادي.

شارك رأيك بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *