
دخلت مصر موسم الانتخابات الرئاسية وتصاعدت معه حالة ترقب الأسواق لقرار تحرير سعر صرف الجنيه، وذلك بالتزامن مع مزاعم ووعود الحكومة باقتراب انتهاء أزمة العملة والسيطرة على الفجوة في سعر الصرف بالسوقين الرسمية والموازية.
ذلك بينما أكد محللون وخبراء أن القرار بتحرير أو "تحريك" سعر الصرف ضروري، ولكن يستلزم متطلبات لابد من توافرها قبل التطبيق.
خبراء يصرون... لن يتم تحرير سعر صرف الجنيه قريبًا:
قال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب "فخري الفقي"، إن هناك احتياطي طوارئ يمثل 5% من إجمالي الموازنة العامة للدولة لمواجهة أي قرارات اقتصادية يمكن اتخاذها على مدار العام.
وفي نفس الوقت أكد "الفقي" أنه لن يتم تحرير سعر صرف الجنيه قريبا، واصفا أوضاع الاقتصاد حاليا بـ "غير المواتية" والتسرع في اتخاذ هذا القرار يهدد الأمن القومي.
وفي المقابل، استبعدت "منى بدير"، محللة الاقتصاد الكلي، أن تتخطى مصر الظروف الاقتصادية الحالية بدون إجراء تحريك لسعر صرف الجنيه، بهدف معالجة الاختلالات الهيكلية وهي الفجوة بين العرض والطلب والتي تؤثر على سعر العملة.
ما مدى استعداد الشركات للتعامل مع "التعويم"؟
ترى "بدير" أن تأثير القرار على الشركات سيكون في الغالب محدود، نظرا لأن أغلبها - ويكاد يكون جميعها - تُسعّر صرف الدولار بين 38 و40 جنيهاً، وهي أسعار ليست بعيدة كثيرا عن السعر في السوق الموازية.
وبدأت معدلات التضخم اتخاذ مسار نزولي منذ أكتوبر الماضي، ومن المتوقع استمراره طبقا لتأثيرات سنه الأساس، وهو ما سيخفف ضغوط ارتفاع الأسعار جراء تحريك سعر الصرف، بحسب بدير.
ولكنها ترى أن التراجع في معدل التضخم سيشهد تباطؤا في بعض الشهور بسبب إجراءات رفع الدعم، وخاصة على الكهرباء والمتوقع تطبيقه يناير المقبل.
وكشفت بيانات البنك المركزي المصري، والتي أعلنها أمس الأحد تراجع المعدل الأساسي السنوي للتضخم الأساسي إلى 35.9% في نوفمبر الماضي من 38.1% في أكتوبر.
متى نقول إن الاقتصاد المصري جاهز للتعويم؟
أكد رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب "فخري الفقي"، أن قرار التعويم يتطلب توافر حصيلة من العملات الأجنبية بين 5 إلى 10 مليارات دولار لدى البنك المركزي المصري للدفاع عن سعر صرف الجنيه، وتوفير طلبات المستوردين من العملة الأجنبية.
وأشار إلى ضرورة استكمال معدلات التضخم اتجاهها النزولي حتى يقترب من المعدل المستهدف للبنك المركزي بين 5 إلى 9%.
وأكدت "بدير" أيضا على أهمية توافر سيولة أجنبية بـ "المركزي" تمكنه من إدارة التعديلات في سعر الصرف ومعالجة الاختلالات في التسعير.
بينما اعتبر خبيرٌ آخر أن تحرير سعر الصرف ليس هدفا في حد ذاته، وتحقيق جدوى من القرار مرهون بوجود اقتصاد حقيقي ناتج عن تصنيع وإنتاج وتصدير مما يحقق تدفقات بالعملات الاجنبية.
وأكد على أن تهيئة مناخ للاستثمار وإطلاق حوافز حقيقة من شأنه جذب استثمارات أجنبية مباشرة، قادرة على تلبية المتطلبات وإغلاق الفجوات في سعر الصرف.
وأشار إلى أهمية مد أجال الديون كي يتمكن البنك المركزي من توفير حصيلة موارد أجنبية للدفاع عن سعر الصرف وإلا سيحدث انفلات في التسعير عند تحرير العملة.
ومن بين الآثار المحتملة والمصاحبة لعملية التعويم رفع أسعار الفائدة، والذي من شأنه أن يكون له تأثيرات سلبية على المالية العامة للدولة، وهو ما يجب أخذ بعين الاعتبار.
هذا وقد خفضت مصر سعر عملتها 3 مرات منذ مارس 2022 حتى يناير الماضي، ما دفع الجنيه المصري للانخفاض مقابل الدولار بنحو 25% منذ بداية 2023 وحتى الآن، وبأكثر من 69% منذ مارس من العام الماضي، بداية الأزمة الروسية الأوكرانية.