طوابير الأدوية في مصر... الشركات تعاند الحكومة والثمن يدفعه المواطن

16/07/2024

على خلفية ارتفاع حاد في أسعار الدواء وشح وجوده في الأسواق، دخلت الأسواق المصرية فيما بات يسمى بـ "حرب تكسير العظام"، طرفاها الحكومة ومصانع إنتاج الأدوية المحلية والمستوردة وتسويقها.

يحدث ذلك بينما يتدفق ملايين المصريين يومياً للوقوف في طوابير الكشف بالمستشفيات الكبرى في المحافظات، أملاً في الحصول على الأدوية غير الموجودة في الصيدليات والتي يقررها الأطباء. بعضهم يأتي بتوصية خاصة من الأطباء الذين يتعاملون معهم بعياداتهم الخاصة، لكنّ نقص الأدوية أزمة تواجه الجميع.

فمثلا، على أعتاب مكتب التأمين الصحي بمدينة الجيزة غرب العاصمة- المجاور لمكتب المحافظ، يصطف المرضى من كبار السن والسيدات والرجال والأطفال، قبل طلوع الشمس، لتسجيل أسمائهم في جدول الحضور، لضمان الحصول على فرصة للكشف المجاني وصرف الأدوية. 

حيث أدى تعطيل العمل في مصانع الأدوية إلى شح هائل بأدوية التخدير والإفاقة والسكر والأمراض المعدية والمناعية والغدد، وضمور العضلات وتخثر الدم ودعامات القلب، وصعوبة الحصول على المستلزمات الطبية التي تشمل شرائح ومسامير إصلاح الكسور والعظام ومعدات الجراحة وتشغيل أجهزة المسح الذري والإشعاعي، والقفازات المعقمة وأجهزة الحماية الشخصية بغرف الطوارئ، والمقاعد المتحركة والأطراف الصناعية.

وتحول شراء الدواء بالحبة والحبتين إلى ظاهرة، بعد أشهر من توزيع الدواء في الصيدليات، بالشريط بدلاً من العلبة الكاملة، خاصة الأدوية المستوردة مرتفعة الثمن. يعتبر صيادلة تلك الوسيلة مفيدة للمرضى الباحثين عن فرصة للعلاج الطارئ، تناسب دخولهم في الوقت نفسه.

وهكذا، فتتجه الحكومة إلى بناء عدة مصانع لإنتاج خامات الدواء، بمدينة السلام شرق العاصمة، تتولى تدبير الخامات للمصانع التي توافق على إنتاج الأدوية اللازمة للمستشفيات العامة والتابعة للتأمين الصحي والجامعات والجيش والشرطة.

وعلى الضفة الأخرى تسابقها شركات القطاع الخاص والأجنبي، في الاستحواذ على نوعية الأدوية المطروحة في السوق، والهيمنة على النوعيات الأكثر طلباً في الأسواق. لجأت بعض شركات الأدوية إلى تسريح جزء من العمالة التابعين لها، للحد من نفقات التشغيل.

تأتي المنافسة بين الطرفين على وقع ارتفاع حاد في أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية، بسبب ارتفاع سعر الدولار وتوقف العمل في أغلب المصانع، وعدم قدرة الجهات الحكومية السيطرة على سوق تقدر مبيعاتها بنحو 122 مليار جنيه سنوياً.

وقد نتج عن خروج الشركات الحكومية من 97% من حصة صناعة الدواء، على مدار السنوات الماضية، إطلاق يد المصانع والموزعين، في رفع أسعار أدوية تشمل 17 ألف صنف، تزداد حدتها مع تراجع قيمة الجنيه، وسط اختلال سلاسل التوريد وارتفاع الأسعار العالمية.

وبالنتيجة تلقي الحكومة والمصانع بأزماتها في وجه المستهلكين المحاصرين بين ندرة الدواء وارتفاع الأسعار، واختفاء الأدوية من المستشفيات العامة والتابعة للدولة.

شارك رأيك بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *