موسم الزراعة الصيفية في مصر مهدد بسبب أزمة أسمدة

24/07/2024

شهدت أسعار الأسمدة في ذروة موسم الزراعات الصيفية في مصر غلاءً فاحشًا، مدفوعة بتناقص سريع بالمعروض في الأسواق، ورفض شركات الإنتاج الالتزام بتوريد نحو 4 ملايين طن للجمعيات الزراعية والبنك الزراعي.

وقد سيطرت السوق السوداء على تجارة الأسمدة، حيث تراوح سعر طن الأسمدة الآزوتية والفوسفاتية ما بين 24 ألفاً إلى 26 ألف جنيه، مع ندرة في العرض، وتهافت الفلاحين على الطلب لوقف تدهور الإنتاج في مزارع المحاصيل النقدية والخضروات والفاكهة.

وقد سبّب نقص جميع أنواع الأسمدة تضاعف أسعارها خلال الأسابيع الماضية من مستوى 12 ألف جنيه للطن إلى 24 ألف جنيه. وارتفع سعر جوال (شوال) الأسمدة الصيفية، من 260 جنيهاً إلى 1200 جنيه، لدى الموزعين في القرى (الدولار = نحو 48.5 جنيهاً). ويتهم المزارعون الحكومة بعدم قدرتها على مواجهة "مافيا" السوق السوداء، مع فشلهم في الحصول على كميات الأسمدة المدفوعة قيمتها والمقررة لأصحاب المزارع، وانهيار منظومة التوزيع الإلكترونية، باستخدام "بطاقة الفلاح".

بوصلة الحكومة تشير بعيدًا عن مصالح المواطن:

تدفع أزمة الأسمدة إلى توتر الأجواء بين الحكومة التي تستهدف بيع شركات الأسمدة العامة، وزيادة أسعار الغاز والمحروقات والكهرباء، لسداد جزء من ديونها المتراكمة للجهات الدائنة، وشراء كميات إضافية من الغاز لوقف الضغوط الشعبية المتصاعدة ضدها جراء انقطاع التيار الكهربائي، وبين المواطنين الطامحين في وقف موجات الغلاء المتصاعدة للغذاء والسلع الأساسية.

وفي السياق، طالب نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، الحكومة بسرعة حل أزمة الأسمدة، معبراً لصحيفة "العربي الجديد" عن خشيته من أن تؤدي إلى نقص كبير في المنتجات الزراعية والحقلية، وارتفاع في أسعار السلع وتراجع حصيلة الصادرات للمنتجات الزراعية. 

كما أن شركات الأسمدة وجهت طلباً إلى الحكومة الأسبوع الماضي، بمضاعفة سعر أسمدة اليوريا التي تصرفها مدعمة للمزارعين عبر الجمعيات الزراعية والبنك الزراعي، من 4500 جنيه المقررة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إلى 8800 جنيه، مؤكدين أن قيمة التوريد الحالية تمثل 48% من قيمة التكلفة الحقيقية للإنتاج.

وتلزم الحكومة المصانع بتوريد 55% من إنتاجها للمزارعين مقابل تسلّمهم الغاز بسعر مدعوم، يبلغ نحو 4.5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، بينما يبلغ متوسط سعر الوحدة العالمي حالياً نحو 6.5 دولارات، ومع التراجع الحاد لإنتاج الغاز في الآبار المصرية، اضطرت الحكومة إلى شراء 21 شحنة غاز من السوق الفورية، بسعر 13 دولاراً للمليون وحدة حرارية.

ويشير تقرير صادر عن مجلس الشيوخ – الغرفة الثانية من البرلمان- إلى توريد المصانع الخاصة نحو 2.2 مليون طن من الأسمدة إلى السوق المحلي، من إجمالي حصة طلبتها الحكومة من تلك المصانع، تقدر بـ 4 ملايين طن.

بينما تعزو مصانع الأسمدة زيادة أسعار منتجاتها إلى تراجع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية، بما سبّب رفعاً متكرراً لتكاليف الإنتاج، منذ مارس/آذار 2022 بالتوازي مع رفع الحكومة أسعار توريد الغاز للمصانع، وقطع وزارة البترول إمدادهم بكميات الغاز اللازمة للتشغيل، بما يحول دون قدرتهم على الوفاء بطرح الكميات المطلوبة إلى الأسواق المحلية مع تراجع شحن التصدير المتفق عليها مع العملاء الأجانب.

وتترقب المصانع زيادة الحكومة أسعار المواد البترولية، بما يشمل الغاز والبنزين والسولار، خلال الأيام المقبلة، ضمن خطة أعلنها رئيس الوزراء الأسبوع الماضي، تستهدف على حد تعبيره إعادة التوازن بين التكلفة والسعر النهائي لأسعار المنتجات البترولية، بحلول عام 2025. وتشمل الخطة زيادة أسعار الكهرباء، بنسب متصاعدة، ومستمرة لمدة 4 سنوات قادمة.

وطالب خبراء بوقف بيع حصص الدولة في شركات الأسمدة، بعد أن سبّب الاعتماد المتزايد على القطاع الخاص تدهور الإنتاج الزراعي، وتهديد قدرة الدولة على توفير الغذاء لمواطنيها بأسعار مناسبة، وشح الأسمدة المدعمة، في ظل عدم التزام المصانع بتوفير الحصص المطلوبة للمزارعين. 

شارك رأيك بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *