رغم انخفاض الدين الخارجي لمصر منذ بداية العام الحالي، إلا أنه يتعين عليها الاستعداد لسداد التزامات قصيرة الأجل بمليارات الدولارات حتى يونيو المقبل. إذ تلتزم مصر بسداد مديونيات قصيرة الأجل بقيمة 37.5 مليار دولار حتى يونيو 2025، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.
وقال محللون في بنوك استثمار رصدت وكالة إعلام عربية شهيرة آراءهم، إن مهمة مصر في الالتزام بسداد مديونياتها أو إعادة تمويلها أصبحت أسهل نسبيا مقارنة بالفترة الماضية، نظرا لتحسن عدة مؤشرات اقتصادية، بخلاف تحسن النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري وانخفاض معدلات المخاطر المتوقعة.
ويرى المحلل المالي الأول ببنك الاستثمار نعيم القابضة "هشام حمدي"، أنه على الرغم من استمرار الاضطرابات الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية، إلا أن مصر مازال لديها فرصة لاستقبال مزيد من الأموال الساخنة، التى من شأنها دعم التدفقات الأجنبية للداخل بشكل سريع.
وأوضح "حمدي" أن دخول مزيد من التدفقات الأجنبية لمصر يُسهل مهمتها في سداد بعض أقساط الدين ومد آجال الأخري.
وتوقع استقبال مصر لتدفقات استثمارية ضخمة في قطاع الطاقة والاستثمارات الخضراء، وخاصة من الاتحاد الأوروبي، بخلاف الاستثمارات الصناعية المتوقعة من دول "بريكس" وخاصة الصين.
بينما توقعت كبيرة محللي الاقتصاد الكلي بشركة سي آي كابيتال "سارة سعادة"، إدارة الدين الخارجي لمصر بنفس نمط السنوات الماضية، ولكن تحسن المؤشرات الاقتصادية سيجعل المهمة أسهل.
وأوضحت أن إدارة الالتزامات الخارجية تتم في الغالب من خلال مد آجال الودائع التي تمثل الحصة الأكبر من أصل القروض، أو التمويل من خلال آليات أخري سواء قروض أو سندات دولية وغيرها.
وأشارت إلى أن تحسن النظرة المستقبلية لمصر سيكون داعما لسياسات إدارة الدين المحلي والخارجي في نفس الوقت. و "في حالة تحويل جزء من الودائع الخليجية لاستثمارات، سنشهد مزيدا من الانخفاض في الالتزامات الخارجية على مصر" وفقا لـ "سعادة".
وبشرح محللون أن أحد التزامات مصر في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي هو الحفاظ على استدامة الدين أى– إطالة عمر الدين- وكذلك السيطرة على عجز الموازنة العامة.
إذ إن صندوق النقد الدولي يركز على كفاءة الاستثمارات العامة وإفساح المجال للقطاع الخاص للمساهمة في هذه الاستثمارات بهدف تخفيف الضغوط على المالية العامة للدولة.
وذكر محلل الاقتصاد الكلي في بنك استثمار نعيم القابضة، "هشام حمدي" أن إتباع الدولة سياسات أكثر تشددا في الإنفاق الاستثماري العام، وتقليص استخدام المكون الأجنبي في المشروعات، يساهم فى توفير العملة الأجنبية، وبالتالي القدرة على سداد الالتزامات الخارجية والحد من تفاقم الدين.
ويتعين على مصر سداد 3.16 مليار دولار لصندوق النقد الدولي خلال الفترة بين أغسطس وحتى ديسمبر المقبلين، وفق بيانات منشورة على الموقع الإلكتروني لصندوق النقد الدولي.
وأوضح البنك المركزي أن الإلتزامات الخارجية حتى يونيو 2025، تتوزع بين 31.1 مليار دولار أصل قروض و6.3 مليار دولار فوائد عن الدين، بخلاف قيمة عقود تبادل العملة التى تبلغ 607 ملايين دولار.
كما يتعين على مصر أيضًا سداد التزامات بقيمة 1.9 مليار دولار عن اتفاقيات بيع وإعادة الشراء.
فى حين سددت مصر مديونيات لصندوق النقد الدولي بنحو 3.17 مليار دولار خلال أول 6 أشهر من العام الجاري، وتعتزم سداد 257 مليون دولار أخرى حتى نهاية الشهر الحالي،وذلك من إجمالي مديونيات نحو 6.53 مليار دولار مستحقة خلال 2024.
وتترقب مصر موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الأسبوع المقبل على صرف الشريحة الثالثة من قرض الصندوق بقيمة 820 مليون دولار، إضافةً إلى التقدم بالحصول على تمويل من صندوق الصلابة والمرونة التابع لصندوق النقد بقيمة 1.2 مليار دولار.
وتكون بذلك قد صرفت مصر نحو ملياري دولار من حزمة التمويل البالغة 8 مليارات دولار.
وتراجع الدين الخارجي لمصر ليسجل 153.86 مليار دولار في نهاية مايو 2024 مقابل 168.03 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2023، لتصل نسبة التراجع 14 مليار دولار خلال أول 5 شهور من 2024، بحسب بيانات المركزي.
وفي سياق متصل فقد رفعت الحكومة المصرية أسعار المحروقات بنسبة 15% اعتباراً من صباح الخميس الماضي. وقررت زيادة سعر البنزين فئة 80 أوكتان من 11 إلى 12.25 جنيهاً، وفئة 92 من 12.5 إلى 13.75 جنيهاً، و95 من 13.5 إلى 15 جنيهاً.
شملت الارتفاعات زيادة في سعر السولار والكيروسين من 10 جنيهات إلى 11.50 جنيهاً، والمازوت من 7500 إلى 8500 جنيه للطن، عدا المورد لمحطات الكهرباء والمخابز. تعد الزيادة في أسعار المحروقات الثانية من نوعها خلال العام، حيث ارتفعت في مارس/ آذار الماضي ما بين 11.5% و21% لجميع أنواع المحروقات.
وتبرر الحكومة القرار برغبتها في الحد من زيادة الدعم الموجه للمواد البترولية، الذي فاق نحو 155 مليار جنيه عام 2024، بزيادة 25 ملياراً عن 2023.
وتتجاهل الحكومة التراجع في قيمة الجنيه، الذي أدى إلى تراجع مخصصات الدعم من 3.5 مليارات دولار إلى نحو 3.2 مليارات دولار في الفترة نفسها.
وجاء القرار متوقعاً في توقيت صدوره من قبل المواطنين الذين اندفعوا نحو محطات الوقود ليلة الأربعاء لتعبئة السيارات، قبيل منتصف ليلة الخميس، بعد تسرب أنباء اجتماع اللجنة العليا لتسعير الوقود التابعة لمجلس الوزراء، الذي عقد الأسبوع الماضي، وظلت قراراته في طي الكتمان، لحين تنفيذه فجأة في منتصف الليل.