في ساعات متأخرة من يوم أمس الاثنين، أكمل مجلس صندوق النقد الدولي التنفيذي المراجعة الثالثة للاتفاق الموسع في إطار تسهيل الصندوق المدد لمصر، ما يسمح للسلطات المصرية بسحب ما يعادل نحو 820 مليون دولار.
وقال الصندوق في بيان أصدره في الساعة السادسة والنصف بتوقيت واشنطن إن الجهود الأخيرة التي بذلتها السلطات المصرية لاستعادة الاستقرار على صعيد الاقتصاد الكلي بدأت تؤتي ثمارها. موفقًا بذلك على صرف الشريحة الثالثة من التسهيل المقدم لمصر.
وتأتي الموافقة بعد تأجيل عدة أسابيع، شهدت رفع الحكومة المصرية أسعار الوقود بنسب تدور حول 15%، ورفع أسعار الخبز المدعم بنحو 200%، والإعلان عن إبرام عقود لبيع أصول حكومية للشركات الخاصة بقيمة 1.9 مليار دولار، ضمن برنامج الطروحات الحكومية.
وقال الصندوق في بيانه إن "التضخم في مصر لا يزال مرتفعا ولكنه في طريقه إلى الانخفاض"، مشيراً إلى أن "نظام سعر الصرف المرن يظل أساس البرنامج الذي تتبناه السلطات".
وأنهت بعثة صندوق النقد، بقيادة "إيفانا فلادكوفا هولار"، مباحثاتها مع الحكومة المصرية، والخاصة بالمراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي خلال الفترة من 12 إلى 26 مايو/أيار، وكان يفترض أن تجرى مناقشة صرف الشريحة الثالثة في العاشر من يوليو/تموز الجاري، قبل أن تؤجل إلى اليوم الاثنين.
وتعيد مصر ضبط اقتصادها بعد تأمين حزمة إنقاذ عالمية تجاوزت قيمتها 57 مليار دولار، بتسهيل جديد من صندوق النقد الدولي، وكذلك من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي، واستثمارات مباشرة من الإمارات العربية المتحدة ودول خليجية أخرى، وهي الحزمة التي منحت الحكومة المصرية مخرجًا من أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها منذ عقود، وتسببت في نفس الوقت في ارتفاع الفائدة المدفوعة على الديون المصرية بنسبة تجاوزت 80% خلال العام المالي الأخير.
وأكد اقتصاديون ممارسة صندوق النقد ضغوطاً على الحكومة المصرية لرغبته في الحد من خطر أن تؤدي التدفقات المالية الأخيرة بالعملة الأجنبية، والناتجة عن بيع أصول وأراضٍ لدولة الإمارات، كما بعض الاتفاقات المماثلة مع السعودية وقطر وغيرها، إلى تقليل حوافز الدولة لإصلاح الاقتصاد بما يتماشى مع شروط صفقة الصندوق المعدلة في مارس/ آذار الماضي.
وأعلنت مصر، الخميس الماضي، عن زيادة أسعار وقود السيارات بنسبة 15%، للمرة الثانية في آخر أربعة أشهر، جزءاً من حزمة الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي للمضي قدما في صرف شرائح جديدة من التسهيل الجديد، وفقاً لما ذكرته صحيفة بارونز التابعة لـ"وول ستريت جورنال"، ودخلت زيادة الأسعار حيز التنفيذ يوم الجمعة، أي قبل ثلاثة أيام فقط من عقد المجلس التنفيذي لصندوق النقد اجتماعه.
وقال الصندوق قبل أسبوعين إنه "لا يزال من الضروري استبدال دعم الوقود غير المستهدف بالإنفاق الاجتماعي المستهدف كجزء من حزمة تعديل أسعار الوقود المستدامة".
أيضاً، رفعت الحكومة المصرية سعر الخبز المدعوم لأول مرة منذ عقود، إلا أن ذلك لم يمنع معدل التضخم الرئيسي من التباطؤ للشهر الرابع في يونيو/حزيران.
وجاء قرار صندوق النقد الدولي في نفس اليوم الذي أظهر فيه تقرير صادر عن وزارة المالية ارتفاع فوائد الديون المصرية بنسبة 80.4% على أساس سنوي، مسجلة نحو 1.322 تريليون جنيه (27.28 مليار دولار) في الـ11 شهراً الأولى من العام المالي 2023-2024، المنتهي في 30 يونيو/ حزيران الماضي، مقارنة مع الفترة المماثلة من العام المالي السابق عليه (2022-2023).
وقالت الوزارة إن فوائد الديون استحوذت على ما يقرب من 60% من جملة الإيرادات العامة للدولة، فيما شكلت نحو 48.5% من إجمالي المصروفات الحكومية في الفترة نفسها.
وبلغ معدل التضخم في مصر ذروته عند ما يقرب من 40% العام الماضي، قبل أن ينخفض إلى 27.5% في يونيو/حزيران. وطالب صندوق النقد الدولي بإصلاحات واسعة النطاق، كان أبرزها تبني نظام سعر صرف حر، بالإضافة إلى الحد من الإنفاق الحكومي وتحفيز الاستثمار الخاص، لمساعدة مصر في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي، قالت الحكومة إنها وضعته بكامل إرادتها، بينما يستمر صندوق النقد في اشتراط الالتزام به، من خلال المراجعات الدورية لفريقه مع المسؤولين المصريين، قبل صرف كل دفعة يحل موعدها.