أسعار العقارات في مصر تحلق مع تدهور سعر صرف الجنيه مقابل الدولار

17/04/2023

يشتكي المصريون من حالة "ارتفاع جنوني" في أسعار العقارات، وذلك رغم الركود الذي تشهده الأسواق، وسط تدهور لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار، لتتحول العملة الخضراء إلى وسيلة الدفع الأكثر رواجاً لقيمة العقارات الفاخرة، والمعيار القياسي للتسعير في المدن الجديدة والمناطق الراقية والمتوسطة في مختلف الأحياء.

وبالفعل تدفع شركات العقارات العربية والمحلية عملاءها لسداد قيمة العقارات بالقيمة الموازية للدولار، بينما تمنح الحكومة التي تعاني من شح في العملة الصعبة أفضلية لبيع الأراضي والعقارات المملوكة للدولة لمن يدفع بالدولار، حيث تسببت السياسات الحكومية في إدارة الملفات الاقتصادية والعقارية في قفزات هائلة لأسعار العقارات، أدت إلى كبح الطلب على الشراء، رغم وجود ملايين الوحدات المعروضة للبيع في أنحاء البلاد، ومواجهة قطاع العقارات خسائر فادحة.

وتظهر تقارير المطورين العقاريين ارتفاعاً متكرراً في أسعار الأراضي ومواد البناء، وعلى رأسها الحديد الذي زادت قيمته من 16 ألف جنيه إلى 40 ألف جنيه للطن خلال 14 شهرا.

وسارت أسعار الإسمنت والأخشاب والتجهيز والديكور، بالإضافة إلى أسعار الطاقة والنقل والجمارك، على وتيرة التضخم، حيث بلغ 40.3% في فبراير الماضي، وفق بيانات البنك المركزي الصادرة الشهر الماضي.

ولم يعد مفاجئاً أن ترى إعلانات من قبل شركات عقارية كبرى تتحدث عن شقق سكنية في المدن الجديدة على أطراف القاهرة، بمساحات لا تتخطى 200 متر، يصل سعرها إلى 15 مليون جنيه (484 ألف دولار) على مدد سداد تصل إلى 10 سنوات. بينما يؤكد البنك الدولي أن مصر من الدول منخفضة الدخل، حيث يعيش 60% من السكان عند مستوى خطي الفقر، 30% منهم يعانون الفقر، و5% يحيون في فقر مدقع.

وهنا يؤكد الخبراء أن شركات عقارية كبرى، خليجية ومحلية، تجري حساباتها وتسعر منتجاتها على أساس أن الدولار يوازي 46 جنيهاً.

أما الشركات الخليجية لجأت إلى التحوط بشكل أوسع عند تعاقدها، الشهر الماضي، على مشروعات جديدة، من خلال النص في العقود على تحمل العملاء مسؤولية أية زيادة تطرأ في التكاليف في حالة تصاعد الدولار عن 35 جنيهاً رسميا.

في هذه الأثناء، طرحت هيئة المجتمعات العمرانية التابعة لوزارة الإسكان، منتصف مارس الماضي، 3 قطع من الأراضي للبيع عبر التخصيص المباشر على مساحة 62 فدان، في مدينة المنصورة الجديدة (شمال القاهرة)، على أن يكون الدفع بالدولار ممن خارج البلاد. وحددت الهيئة سعر المتر بـ 200 دولار لبناء منطقة سكنية وخدمية وترفيهية.

ويعرض مطورون كبار، خاصة الذين انتقلت ملكية شركاتهم في السنوات الأخيرة إلى مستثمرين إماراتيين، على المشترين الدفع بالدولار. ويرفض هؤلاء الالتزام بالقانون، الذي يحظر بيع منتجات بعملة أجنبية داخل الدولة من دون إذن مسبق من الجهات المختصة.

ويسبب انهيار الجنيه حالة هلع لدى أصحاب المدخرات، ما يدفعهم إلى توجيه مدخراتهم نحو ثقب أسود، حيث يندفعون لشراء الدولار والذهب والعقار خوفا من الاحتفاظ بالجنيه المتدهور، ما يزيد من أزمة العملة الصعبة، وارتفاع مدخلات الصناعة متأثرة بزيادة الواردات بداية من خامات الحديد والأخشاب.

وتقدر لجنة التطوير العقاري في جمعية رجال الأعمال عدد العقارات المطروحة للبيع بنحو 3 ملايين وحدة، مع حاجة الدولة إلى مليوني وحدة سنوياً لمواجهة زيادة الطلب ونمو السكان.

وهكذا فقد قضت الأزمات المتعددة على الاستقرار الذي تحلت به السوق العقارية لسنوات، وتحول القطاع من قاطرة تمثل نحو 60% من مدخلات الناتج القومي إلى صناعة تواجه الموت الإكلينيكي في المدن القديمة، بسبب قيود البناء التي وضعتها الدولة، وعدم صدور قانون التصالح على المخالفات القديمة، وتباطؤ شديد في البناء بالمدن الجديدة، حيث تراجعت المبيعات بنسب هائلة، فخرجت أغلب شركات المقاولات من سوق العمل مدفوعة بالخسائر الفادحة.

شارك رأيك بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *