
قال المستشار المالي والمحلل الاقتصادي الدكتور "محمد عبد الوهاب"، إنه لا يتوقع أن تتبنى الحكومة سياسة سعر صرف مرن في الوقت الحالي على الرغم من وجود السوق الموازية، إلا أنها تسعى بشكل أكبر للسيطرة على التضخم، موضحًا أنه ليس من المتوقع حدوث تعويم إلا بعد انخفاض معدل التضخم وتوفير حصيلة دولارية كافية لفتح الاعتمادات المستندية للتجار والمستوردين بما يكفل السيطرة على السوق السوداء واستقرار سعر الصرف.
متى يمكن أن يحدث تعويم الجنيه المصري؟
أوضح "عبد الوهاب"، في حديثة لصحيفة "المصري اليوم"، أن تعويم الجنيه من المتوقع أن يحدث خلال النصف الأول من 2024 مع استكمال برنامج الصندوق، وحدوث تدفقات نقدية من العملة الصعبة على الاقتصاد من برنامج الطروحات الحكومية تقدر بنحو 5 مليارات دولار، وهو ما سيساعد البنك المركزي المصري على التحكم في سعر الصرف وتوحيده وتحجيم السوق السوداء.
واعتبر أن الاقتصاد المصري أثبت جدارته فعليًا، فرغم الظروف الحالية والتحديات الجيوسياسية والحرب في قطاع غزة، التي تؤثر عليه، إلا أنه يحقق معدلات نمو إيجابية، ولا تزال معدلات البطالة عند مستويات مستقرة. بالإضافة إلى إعلان عدد من الشركات الأجنبية بدء التصنيع في مصر، وهو ما قد يحقق نقطة انطلاق واعدة في المنطقة بعد انتهاء أزمة الدولار، والتي تعد التحدي الأكبر للاقتصاد حاليًا.
هل سعر الجنيه في السوق السوداء مبالغ فيه؟
ادعى "عبد الوهاب" أن السعر المتداول للدولار في السوق الخارجية حاليًا غير واقعي ولا يعكس القيمة الفعلية للجنيه نتيجة لقلة العرض مع ارتفاع الطلب، مؤكدًا أن الجنيه مقدر بأقل من قيمته بنسبة 20%، مشيرًا إلى أن السعر العادل للدولار أمام الجنيه لا يتجاوز 40 جنيهًا وهو الحد الأقصى الذي قد يصل له السعر الرسمي لو تم التعويم.
وأوضح المحلل الاقتصادي أن تقدير الجنيه بقيمته الحقيقية سيؤثر بشكل كبير في حل أزمة الدولار، كما سيساعد في السيطرة على معدلات التضخم المرتفعة، التي وصلت إلى 38.1% بنهاية أكتوبر الماضي وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.
وأثنى "عبد الوهاب" على اتفاقيات مبادلة العملات التي وقعتها مصر مؤخرًا، مؤكدًا أنها تسهم بشكل كبير في تخفيف الضغط على الدولار، مشجعًا الحكومة على الاستمرار في هذا الاتجاه، بجانب إعلان البنك المركزي المصري عن إطلاق مؤشر الجنيه قبل نهاية العام الجاري 2023.
وإطلاق المؤشر يعني أن المركزي سيضع سلة من العملات الدولية إلى جانب الذهب، ليكون هذه المؤشر وحدة قياس جديدة للجنيه، في إطار سعي البنك لإيجاد سعر صرف حقيقي للعملة المحلية، بدلاً من الاعتماد على الدولار.
وهذا التغيير قد يغير ثقافة ارتباط سعر الصرف المحلي بالدولار الأمريكي، خصوصًا أن الولايات المتحدة ليست شريكًا تجاريًا أساسيًا لمصر، وإن كانت عملتها رئيسية في التسويات الدولية.