لاقت الدعوات لمقاطعة منتجات إسرائيل والدول الداعمة لها نجاحًا باهرًا في مصر، إذ زاد الإقبال على المنتجات المحلية البديلة، فيما يشتكي عدد من التجار والمستهلكين من عدم قدرة الشركات الوطنية على تلبية الطلب المتزايد على تلك المنتجات، فضلا عن استغلال البعض الفرصة لرفع الأسعار ومحاولة احتكار السوق أو طرح بدائل بجودة أقل.
وبرزت زيادة الطلب على المنتجات المحلية خاصة في مجال المشروبات والأغذية والمنظفات، الأمر الذي قد يساهم في تعزيز الاقتصاد المصري.
كما يتنافس التجار وأصحاب المحال التجارية في استغلال زخم حملات المقاطعة لجذب أكبر عدد ممكن من الزبائن والحصول على حصة سوقية أكبر من منتجات الشركات المصرية البديلة بعد ارتفاع الطلب عليها.
لكن الناس يشتكون أنه رغم اتساع دائرة المقاطعة التي طالت الكثير من المنتجات، خاصة الماركات أو العلامات الشهيرة من المشروبات الغازية أو المواد الغذائية أو مطاعم الوجبات السريعة والملابس وغيرها من بضائع الشركات المعروفة، إلا أن هناك مشاكل مستمرة في توافر البدائل المحلية وتراجع جودتها في كثير من الأحيان وفي كافة المناطق بالسوق المصري.
ويسلط ذلك الضوء على خطورة استعادة الشركات الخاضعة للمقاطعة لجمهورها بسبب عدم توافر البدائل المحلية أو قيام بعض التجار باستغلال الفرصة برفع الأسعار وجني أرباح باهظة، حيث يطالب الخبراء بضرورة اتخاذ قرارات تدعم المنتجات والصناعة المحلية وقيام الجهات الرقابية بمراجعة أسعار وجودة المنتج المصري.
فرصة للاقتصاد المصري على طبق من ذهب قد تضيع هباءً:
يقول "فارس الرملي"، وهو صاحب أحد متاجر المواد الغذائية في منطقة المنشية، وسط الإسكندرية (شمال)، لصحيفة "العربي الجديد": "نواجه تحديًا كبيرًا فيما يتعلق بنقص البضائع الوطنية وتأخر وصولها إلينا، وعلى الرغم من أن السوق يشهد طلبًا متزايدًا على هذه المنتجات، إلا أننا نجد صعوبة في تلبية احتياجات عملائنا، ويتسبب هذا النقص في فقدان الزبائن وتراجع المبيعات، وهو ما يؤثر سلبًا على أعمالنا".
ويضيف: "نحن نستثمر في ترويج المنتجات الوطنية وتسويقها للمستهلكين، ولكن نقص البضائع وتأخر وصولها يعرقل جهودنا ويصعب علينا تلبية الطلب المتزايد على هذه المنتجات، ما يؤدي إلى خيبة أمل العملاء وضعف عزيمتهم تجاه مقاطعة البضائع الداعمة لإسرائيل، ونحن بحاجة ماسة لتوفير إمدادات كافية ومستمرة من المنتجات الوطنية لتلبية الطلب المتزايد".
بينما يوضح "عيسى زاهر"، وهو صاحب أحد متاجر المنظفات في ميدان الشهداء بالإسكندرية، أن الزبائن في مجاله كانوا أكثر إصرارًا وعزيمة على مقاطعة المنتجات الداعمة للصهاينة، وبخاصة مع توافر المنتج الوطني، ولكن مع زيادة الإقبال بدأت تنفد تلك المنتجات ويعاني المواطن من أجل الحصول عليها، وهو ما تسبب في حالة من الضيق والتراخي في الإصرار على المقاطعة.
وأضاف: "نؤمن بأهمية دعم الصناعات المحلية وشراء المنتجات الوطنية، ولكن النقص الحالي في البضائع يجعلنا نواجه تحديات كبيرة، ونشعر بالإحباط لأن العملاء يتوجهون إلى المنافسين الذين يقدمون بضائع غير مرخصة وغير مضمونة، ونحن في حاجة إلى تعزيز التعاون بين الشركات والجهات الحكومية لاستثمار الوضع الحالي وضمان توفر البضائع الوطنية بشكل مستدام، وفي الوقت المناسب وبالجودة نفسها، وهو ما ينعش السوق المحلي ويقوي الاقتصاد الوطني".
لذلك فإن الخبراء يؤكدون أنه لم تتمكن الشركات المصرية من استغلال الفراغ الحادث في السوق بالشكل المناسب، وهو ما يثير تساؤلات حول أسباب هذا الفشل وتحدياته، وغياب دور الحكومة والمؤسسات المحلية في تشجيع المواطنين على دعم البضائع المصرية لتحقيق الاكتفاء الذاتي ودعم الاقتصاد.
ويمكن القول إن تنافس المحال في مصر للحصول على حصة من إنتاج شركات البضائع المصرية ساهم في زيادة أسعار بعض المنتجات التي تجد إقبالًا كبيرًا من الزبائن وبديلة للمنتجات الداعمة لإسرائيل، وهو الأمر الذي يعكس حجم التحدي الذي تواجهه الشركات المصرية، والفرصة التي أتيحت للحكومة على طبق من ذهب، والتي تتمناها أي حكومة في العالم، ولكن يبدو أنها ستضيع هباءً، بسبب تلك التصرفات دون أن يلتفت إليها أحد.