ابتداءً من اليوم... أسعار جديدة للخبز والكهرباء بمصر لإرضاء صندوق النقد

01/06/2024

اعتبارا من اليوم السبت الأول من يونيو، قررت الحكومة المصرية رفع أسعار الخبز المدعوم بنسبة 300%. إذ أكد الخبراء أن عدم التزام الحكومة ببرنامج طرح الأصول العامة واتباع سياسة سعر الصرف المدار من قبل البنك المركزي، مع وجود تباطؤ ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، هو ما يقف وراء ارتباك الحكومة، ولجوئها إلى اتخاذ قرارات استباقية، برفع الدعم من خلال زيادة أسعار الخبز وفواتير الكهرباء، والتحدث علانية عن توجهها لإلغاء الدعم العيني، مجرد محاولة لاسترضاء بعثة الصندوق.

وقد برر رئيس الحكومة "مصطفى مدبولي" زيادة السعر من 5 إلى 20 قرشا للرغيف بارتفاع تكلفته إلى 125 قرشا، وزيادة الدعم المخصص له سنويا إلى 125 مليار جنيه.

وقد فسّر خبراء القرار المباغت لنحو 64 مليون مواطن يتحصلون على الرغيف المدعم يومياً بأنه قفزة إلى الأمام في محاولة استباقية من الحكومة لمواجهة الضغوط الهائلة التي تمارسها بعثة صندوق النقد الدولي الموجودة بالقاهرة منذ أسبوع، لفحص برنامج إصلاح هيكلي شامل للاقتصاد، يتضمن تخفيض قيمة العملة، وتحرير سعر الصرف وبيع الأصول العامة.

وتُجري بعثة صندوق النقد المراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الموقع في ديسمبر/ كانون الأول 2022، مستهدفة التزام الحكومة بتنفيذ وثيقة بيع الشركات العامة، وتحسين مناخ الاستثمار لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، ومراجعة استخدام حصيلة بيع مدينة رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار، ومتابعة مستهدفات الموازنة العامة المطروحة أمام البرلمان لعام 2024-2025، الخاصة بدعم السلع التموينية والمحروقات، وسقف الاستثمارات العامة وخفض معدلات عجز الموازنة وسداد قروض الجهات الدائنة.

وتحاول الحكومة الحصول على شهادة اعتماد جدارة جديدة من الصندوق لتوظيفها في الحصول على تدفقات مالية تقدر بنحو 12 مليار دولار خلال العام الجاري، من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي، والمؤسسات المانحة والمقرضة، خاصة الحكومية التي تمول مشروعات البنية الأساسية بفوائد بسيطة تسدد على فترات زمنية طويلة. وهي تأمل في الحصول على 9.3 مليارات دولار لجسر الفجوة التمويلية، بين إيرادات بقيمة 115.1 مليار دولار ومصروفات تبلغ 124.3 مليار دولار بالعام المالي 2024-2025.

وفي هذا الصدد، قالت مصادر مطلعة نقلت عنها صحيفة "العربي الجديد" إن بعثة الصندوق تولت على مدار خمسة أيام مراجعة التزام البنك المركزي بمرونة سعر الصرف، واستمرار تشديد السياسات النقدية والمالية، مشيدة بانخفاض قيمة الجنيه، باعتبارها خطوة حاسمة لمواجهة التذبذب الهائل في سعر الصرف والحد من تعدد أسواق العملة.

وناقشت البعثة تراكم متأخرات شركات النفط الدولية بقيمة 5 مليارات دولار، وديون الجهات الأجنبية المستحقة لدى الوزارات والبنك المركزي، التي تأثرت بنقص الدولار، وخطط الحكومة بشأن سداد تلك المستحقات أو التفاوض مع الجهات الدائنة، على تأجيل السداد، لتصفية المتأخرات والالتزام بعدم تراكم متأخرات جديدة، وتوفير السيولة بالبنوك بما يمكن تلك الجهات من إنهاء المتأخرات في الوقت المناسب لكل الأطراف.

وألزمت البعثة الحكومة بعدم احتفاظ الوزارات والجهات التابعة لها بأرصدة خاصة من العملات الصعبة، ووضعها بالبنك المركزي، واستبدالها بالجنيه، لتوحيد جهة الصرف للدولار، وتسهيل تتبع نفقات الوزارات بالنقد الأجنبي، في إطار برنامج التقشف الحكومي، الذي تعهدت بتنفيذه منذ يوليو 2023، وبيّنت المناقشات مع مسؤولي الصندوق تراجعا في عوائد الطروحات الحكومية إلى 1.2 مليار دولار، بدلا من ملياري دولار استهدفت تحصيلها العام المالي الجاري 2023-2024، يرجعها خبراء إلى تدني قيمة العروض المقدمة من المستثمرين.

ذلك بينما يشير محللون إلى مواجهة الحكومة صعوبات هائلة في بيع محطتي كهرباء سيمنز بالعاصمة الإدارية وبني سويف جنوب القاهرة، وأربع محطات لتحلية المياه، و10 شركات منها شركتا وطنية للوقود وصافي للمياه المعدنية التابعتان للجيش.

وأكد اقتصاديون أن دعوة الحكومة مؤخراً لتحريك أسعار الخبز وحديث رئيس الوزراء حول تعميم الدعم النقدي بدلاً من توزيع السلع المدعومة، جاءت بعد إثارة بعثة صندوق النقد ملاحظات، حول تفشي فساد مهيمن على منظومة الدعم، وتوجيه الحكومة ملايين الجنيهات من الأموال المخصصة لدعم السلع للإنفاق منها على تجهيزات مكاتب الوزراء ومكافآت كبار الموظفين المشرفين على توزيع السلع.

ورصد أعضاء في لجنة الخطة والموازنة النيابية تخصيص الحكومة 12 مليون جنيه من موازنة دعم السلع الغذائية المقدرة للعام المالي 2024-2025، بنحو 132.4 مليار جنيه للصرف منها على بدل انتقالات للعاملين بمكتب وزير التموين في العاصمة الإدارية الجديدة. وقد جاء قرار زيادة أسعار الخبز ليخفف من هذا الرقم.

وفي هذا السياق، يرى الخبراء، أن حالة الاضطراب التي تمر بها الحكومة منذ وصول بعثة صندوق النقد إلى القاهرة ترجع إلى شدة الضغوط التي يمارسها الصندوق لتنفيذ كافة التعهدات المتفق عليها في مارس/ آذار الماضي، والتي تشمل عدم تجاوز نفقات الاستثمارات الحكومية عن المبالغ المتفق عليها عند تريليون جنيه، وتحرير سعر الصرف، وطرح الشركات العامة منها التابعة للأجهزة السيادية في البورصة، دون القبول بتجزئة البيع وقصره على شركة واحدة، أو الإخلال بمبادئ الإفصاح والشفافية.

شارك رأيك بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *