إلا رغيف العيش... حالة سخط شعبي في مصر واتهام الحكومة بـ طعن الفقراء

02/06/2024

ارتفعت في الأيام الماضية موجة غضب عارمة في الأوساط الأهلية والسياسية وحتى القضائية على رفع أسعار الخبز في الأسواق، عبّرت عنها منظمات وأحزاب في بيانات شديدة اللهجة، ترفض المساس بحق المواطن في حصته من الخبز المدعوم في بلد يعاني من ديون متراكمة ونسب فقر متزايدة، وأعباء اقتصادية مركبة. 

وشعبيًا، أثار قرار الحكومة، برفع سعر رغيف العيش المدعوم بزيادة نسبتها 300% صدمة واعتراض قطاع من المصريين الذين يعتمدون عليه جزءاً أساسياً من غذائهم اليومي، وهو القرار الذي يأتي متزامنًا مع خطط لرفع أسعار سلع أساسية أخرى، كالدواء والكهرباء والوقود والخدمات الصحية. 

وقد تم اعتبارًا من بعد غدٍ السبت، 1 يونيو/حزيران، تطبيق قرار الحكومة برفع سعر الخبز المدعوم ليبلغ أربعة أضعاف سعره الحالي، وهو يقضي بزيادة سعر الخبز ليصبح أربعة أضعاف سعره الحالي، وهي خطوة ستمس 60 مليون مواطن، وقد تكون سببًا في دفع ربع المصريين القابعين على حافة خط الفقر الوطني إلى ما تحته، وستكون لها آثار خطيرة على غذاء الناس، وعلى المصريين تحت حد الجوع، المعروف بالفقر المدقع.

الحكومة المصرية "تطعن الفقراء" في رغيف عيشهم:

يعتبر البعض أن قرار رفع أسعار الخبز يمثل "طعنة جديدة لفقراء مصر" الذين تنخفض مستويات معيشتهم بشكل هائل ومتسارع منذ نهاية عام 2016، بفعل سياسات التقشف الانتقائية التي تحابي الشركات الكبرى المتصلة سياسيًا والأغنياء، وبفعل التخفيضات المتواصلة في سعر الجنيه والارتفاع الجبار في خدمة الدين وآثاره، والصدمات السعرية المتكررة.

وقد أكد باحثو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن تلك الخطوة "تمثل رسالة رمزية بأن الصخرة الأخيرة في الحماية الاجتماعية هي الأخرى قابلة للزحزحة تماما، جنبًا إلى جنب مع تقلص الأجور الحقيقية، وتراجع الإنفاق العام الحقيقي على الصحة والتعليم، وتسعير الخدمات العامة بسعر السوق، إذ لا يُتوقع أن يكون هذا الرفع لأسعار الخبز هو آخر المطاف".

ولطالما كان رفع الدعم عن أسعار الخبز عقبة أمام الحكومات المتعاقبة التي حاولت تنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي منذ يناير/ كانون الثاني 1977. ويزداد الأمر سوءًا مع حزمة السياسات التي أعلنت قبل نهاية العام المالي الحالي التي تحُل في آخر يونيو/حزيران، متضمنة رفع أسعار الدواء والخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية ورفع أسعار شرائح استهلاك الكهرباء، إضافة إلى الزيادة الوشيكة المرتقبة في أسعار الطاقة لضمان آلية التسعير الدوري.

قضاة ومحامون يتحركون:

أقام عدد من القضاة السابقين والمحامين المصريين، يوم أمسٍ السبت، أول دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة للمطالبة بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الوزاري رقم 18 لسنة 2024 الصادر عن وزير التموين والتجارة الداخلية في ما تضمنه من رفع سعر رغيف الخبز المدعم المنتج بالمخابز البلدية إلى عشرين قرشاً.

واختصمت الدعوى، رئيس مجلس الوزراء "مصطفى مدبولي"، ووزير التموين والتجارة الداخلية "علي المصيلحي"، ووزير المالية "محمد معيط". وطالبت الدعوى التي حملت (الرقم 69467 لسنة 78 مستعجل) بوقف تنفيذ التوجيه الوزاري رقم 18 لسنة 2024 الصادر عن وزير التموين والتجارة الداخلية بتاريخ 30 مايو/ أيار 2024 في ما تضمنه من تعديل سعر رغيف الخبز البلدي المدعم المنتج بالمخابز البلدية "وزن 90 غراماً" ورفع سعره إلى 20 قرشاً.

كذلك طالبت الدعوى بإلغاء الأثار المترتبة عن ذلك، ومن أخصّها إعادة تسعير رغيف الخبز البلدي المدعم بسعر 5 قروش وبذات المواصفات المقررة مع الاستمرار في تقديم ذات الحصص المقررة للفرد المدرج تموينياً، وهي 5 أرغفة، مع تنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بالمصروفات.

وذكرت الدعوى أن رغيف الخبز يمثل أهمية بالغة ورمزاً موحداً لوجدان الشعب المصري منذ آلاف السنين، إلا أنه في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد على مدار السنوات السابقة، والارتفاع الجنوني للأسعار الذي صار ظاهرة يومية، وتدهور قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، وفي ظل غياب تام لدور الحكومة في الرقابة على الأسواق وضبط أسعار السلع الأساسية للمواطن لتحقيق العدالة الاجتماعية، بات البحث عن الاكتفاء الأسري الذاتي من الغذاء صعب المنال، وعجزت معه الطبقات المحدودة والمعدومة التي تمثل أكثر من 75% من تعداد الشعب المصري عن تدبير احتياجاتها الأسرية بشكل كافٍ وعادل وصحي، في سابقة لم يمرّ بها الشعب المصري في عصره الحديث.

وتابعت الدعوى بأنه على الرغم من ذلك، بدلاً من أن تسعى الحكومة لتحقيق، ولو نزراً يسيراً من العدالة الاجتماعية لتخفيف الأعباء المالية عن كاهل الطبقات المعدومة والمحدودة حتى تستطيع البقاء على قيد الحياة، قامت الجهة الإدارية ممثلة بوزارة التموين والتجارة وبقية المشتكى عليهم، برفع سعر رغيف الخبز البلدي المدعم من خمسة قروش إلى عشرين قرشاً بنسبة زيادة 300% في مخالفة صارخة لأحكام الدستور.

شارك رأيك بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *