أعلن صندوق النقد الدولي، في بيان الخميس الماضي، عن التوصل إلى اتفاق مبدئي مع مصر تحصل بموجبه القاهرة على شريحة قرض قيمتها 820 مليون دولار لـ"تسريع الإصلاحات الهيكلية".
وقال الصندوق الذي يتخذ واشنطن مقراً، في بيان، إنّ خبراءه توصّلوا إلى اتفاق بشأن المراجعة الثالثة لاتفاقية قرض تسهيل الصندوق الممدّد الحالية.
وصدر البيان بعد اختتام بعثة من الصندوق زيارة إلى القاهرة دامت أسبوعين. وقالت البعثة في البيان إنّ الاتّفاق الذي يتعيّن أن يوافق عليه المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي سيوفّر حوالي 820 مليون دولار لمصر، بينما تواصل إجراء تغييرات هيكلية عميقة في اقتصادها.
وبحسب الصندوق، فإنّ أهمّ الإصلاحات الاقتصادية في مصر تشمل التحوّل إلى نظام سعر صرف مرن، وتشديد السياسة النقدية وسياسة المالية العامة، وإبطاء الإنفاق على البنية التحتية للحد من التضخم، والمحافظة على استدامة القدرة على تحمل الديون، مع تعزيز بيئة تمكن القطاع الخاص من ممارسة نشاطه.
وبحسب البيان، فإنّ هذه السياسات ستساهم في المحافظة على الاستقرار الاقتصادي الكلي، واستعادة الثقة، كما ستمكّن مصر من مواجهة التحديات التي اقترنت بالصدمات الخارجية في الآونة الأخيرة.
ونقل البيان عن رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر "إيفانا فلادكوفا هولار"، قولها إنّه "في الوقت الذي ما زالت فيه التوتّرات الجيوسياسية وتأثيرها على مصر تمثل تحدّياً، فقد واصلت السلطات مسارها".
وتابعت: "بدأت هذه الجهود في تقديم توقعات أفضل، وتحسين توافر العملات الأجنبية، وبدأ التضخم بالتباطؤ، وعلامات الانتعاش في معنويات القطاع الخاص".
وبحسب "هولار"، فإنّه على الرغم من التقدّم الذي أحرزته مصر، إلا أنّ "المخاطر السلبية" على الاقتصاد لا تزال قائمة، مسلّطة الضوء على التداعيات المستمرة للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وما نجم عنها من هجمات طاولت خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر.
وبحسب صندوق النقد، فإنّ "الطريق مهيّأ لتسريع الإصلاحات الهيكلية، وهو ما سيكون حاسماً لتحقيق هدف زيادة النمو الذي يقوده القطاع الخاص بشكل مستدام". وأدّت الهجمات التي يشنّها الحوثيون، والتي تستهدف السفن، إلى انخفاض حادّ في عائدات القاهرة من السفن التي تمر عبر قناة السويس.
هذا ويستمر الوضع الاقتصادي على المستوى الشعبي والاجتماعي في مصر بالتدهور، إذ زاد النقص الحاد في إمداد الغاز من صعوبات حياة المصريين، كما أدى إلى التأثير سلبا على العديد من القطاعات الاقتصادية، ومنها مصانع أسمدة وكيماويات رئيسية توقفت مؤقتا عن العمل خلال اليومين الماضيين، ما دفع نحو تراجع أسهمها وتذبذب مؤشر البورصة الرئيسي إيجي إكس، واضطراب حركة أسواق العملات، التي تشهد ارتفاعا جديدا للدولار أمام الجنيه، ما يزيد الضغوط على الاقتصاد وقدرة المواطنين على مواجهة أعباء المعيشة.
وجاء التذبذب في إمدادات الغاز بتراجع تاريخي في إنتاجه، وصعوبة تدبير البدائل الرخيصة على وجه السرعة، مقرونا بزيادة استهلاك محطات التوليد التي شرعت في زيادة فترة انقطاع التيار الكهربائي إلى ثلاث ساعات يوميا.
تثير انقطاعات الغاز والكهرباء أجواء ضبابية، في ظل مخاوف من توجه الدولة لرفع أسعار الوقود والكهرباء ما يدفع إلى بقاء معدلات التضخم في مستويات يقدرها خبراء عند 32% حتى نهاية العام الجاري.
ويرجع خبير اقتصاديات الطاقة "محمد فؤاد" الأزمة إلى عدم وضع الحكومة خطة مسبقة لسد احتياجات البلاد من الغاز والوقود اللازم لها، رغم معرفتها التامة بحجم المشكلة منذ بداية عام 2023، حيث علمت بتراجع إنتاج حقل "ظهر" الذي كان يورد 40% من احتياجات البلاد من الغاز، وفقد نحو ثلثي طاقته بنهاية عام 2022.