مخاوف في مصر على وقع تأجيل الشريحة الثالثة من قرض صندوق النقد

11/07/2024

جاء قرار بعثة صندوق النقد الدولي بالقاهرة، القاضي بتأجيلَ مناقشة صرف الشريحة الثالثة وقرض استثنائي لمصر بقيمة إجمالية قدرها مليارا دولار، مثيرًا معه مخاوف من تصاعد أزمة مالية خانقة جديدة، تؤثر على قدرة البلاد على الوفاء بالتزاماتها تجاه الدائنين، وقيمة العملة.

وبينما يطالب سياسيون الحكومة بإعادة التفاوض مع الصندوق، على تأجيل رفع أسعار الكهرباء والمحروقات، المقرر تنفيذها نهاية الشهر الجاري خشية ارتفاع الأسعار، في ظل موجات غلاء لم تهدأ بالأسواق منذ ثلاثة أعوام، يعلق الخبراء آمالهم على المجموعة الاقتصادية بالحكومة الجديدة، بإجراء حوار مع الصندوق يضمن استمرار الدعم النقدي من الصندوق، وخفض الآثار السلبية المترتبة على زيادة الديون، وارتفاع الأسعار وبيع الأصول العامة.

سبب التأجيل وشروط صندوق النقد:

فسّرت خبيرة التمويل والاستثمار "حنان رمسيس"، تأجيل مناقشة صرف الشريحة الثالثة، إلى ارتباطها بعدة شروط تلزم مصر بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون إدارة المالية العامة، ونشر تقارير التدقيق السنوية التي يصدرها الجهاز المركزي للمحاسبات عن الحسابات المالية للحكومة.

ونوهت في حديثها لصحيفة "العربي الجديد" إلى مطالبة الصندوق بنشر تقرير سنوي شامل عن النفقات الضريبية بنهاية إبريل/ نيسان 2024، وتنفيذ خطة إعادة رسملة البنك المركزي، وتقييم احتياجاته من إعادة الرسملة، بناء على التشاور مع خبراء صندوق النقد، والنظر في استكمال البنك المركزي لامتثاله لمعايير المحاسبة المصرية.

وأضافت خبيرة التمويل والاستثمار أن صندوق النقد وجه الحكومة إلى ضرورة وضع استراتيجية السداد وتسوية المدفوعات المتراكمة لمتأخرات الهيئة العامة للبترول، عن عقود توريد الغاز والمحروقات للشركات الدولية، والتي ساهم في إنهائها عبر قروض سابقة، خلال 2016 و2020، مع ضرورة التزام مصر بسداد المستحقات الجديدة التي تراكمت في العامين الأخيرين.

وأكدت "رمسيس" أن عدم التزام الحكومة بسداد مستحقات الشركات الدولية يدفع المستثمرين الأجانب إلى التشكك في قدرة الدولة على سداد المستحقات، ويظهر وجود مشكلة لدى الحكومة في مدى توافر النقد الأجنبي.

تبلغ مستحقات شركات النفط والغاز نحو 6.7 مليارات دولار، تعهد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي أثناء إدلائه ببيان الحكومة الجديدة، مطلع الأسبوع الجاري العمل على سدادها بالكامل، مؤكدا أن نسبة السداد خلال الأسابيع الماضية تراوحت ما بين 20%-25% من مستحقات الشركاء الأجانب.

ومنحت الحكومة شركة إيني الإيطالية المتحكمة في آبار الغاز الرئيسية، أولوية لسداد مديونية، قيمتها 1.6 مليار دولار، حيث دفعت نحو 25% من قيمة المتأخرات نهاية يونيو/ حزيران الماضي، لمنع إيني من اللجوء للتحكيم الدولي.

وأضافت "رمسيس" أن صندوق النقد يطلب من الحكومة عودة مصر لبرنامج الطروحات الحكومية، في البورصة لاستكمال برنامج "وثيقة ملكية الدولة"، وإطلاق مؤشر لتتبع تنفيذ سياسة ملكية الدولة، والذي كان مقرر صدوره في يونيو 2024، ليبدأ العمل به مع بداية السنة المالية 2024/ 2025 في يوليو/ تموز الجاري.

وقالت إن اتفاق رسملة البنك المركزي، يتضمن تحديد الحد الأدنى لرأسمال البنك، وأن تكون الزيادة برأس المال بقرار من مجلس الإدارة، وتجنيب نسبة من الأرباح السنوية لزيادة رأس مال البنك أو التمويل من الاحتياطات، أو من الخزانة العامة بموافقة وزير المالية، مع عدم جواز أن تظهر حقوق الملكية بالسالب، وفي حالة حدوث ذلك تغطى من الخزانة العامة أو بإصدار أذون خزانة لا تتجاوز مدتها 90 يوما.

صندوق النقد والحكومة المصرية… ما وراء الكواليس:

اعتبر خبير اقتصادي رفض الإفصاح عن هويته، أن تأجيل صندوق النقد لقرار الإفراج عن الشريحة الثالثة يعكس تآكل الثقة المتبادلة بين خبراء صندوق النقد والحكومة، في ضوء عدم التزام الأخيرة بقواعد الإفراج عن أقساط القروض، والتي تلزمها رفع أسعار المحروقات والكهرباء، وسداد مستحقات الشركاء الأجانب، وشمولية برنامج الإصلاح الاقتصادي.

ونوه الخبير المطلع على الملفات الاقتصادية للحكومة إلى أن الفترة الزمنية الطويلة التي صاحبت التغيير الوزاري الأخير، جعلت المؤسسات الحكومية توقف مناقشة أية أنشطة مرتبطة باتفاقات الدولة مع صندوق النقد الذي يرى وجوب تنفيذها وفقا لجدول زمني مجدول مسبقا، مرهون بدفع أقساط القروض وفقا للجدول الزمني المتفق عليه في مارس/ آذار الماضي.

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي "مدحت نافع" في تصريحات متلفزة إن قرار الصندوق يرجع إلى ثلاثة أسباب منها، منح المجموعة الاقتصادية في التشكيل الوزاري الجديد، فسحة من الوقت لمراجعة ملفاتها، ومعرفة مواردها قبل التحدث مع خبراء الصندوق والمستثمرين. 

وتوقع "نافع" عدم التزام الحكومة بشرط أو شرطين وضعهما الصندوق، ويطلب الصندوق الحصول على تعهدات من الحكومة الجديدة بتنفيذها، موضحا أن إدارة الصندوق تدرس تخفيض العائد على القروض التي قدمتها لمصر، بمعدل 2% وهي النسبة التي قررتها إدارة الصندوق مقابل المخاطرة العالية من إقراض الدول التي حصلت على قروض بقيم أعلى من أرصدتها في حسابات الصندوق.

شارك رأيك بتعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *